الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد،
فإن الشيخ سالمًا الطويل -هدانا الله وإياه، ووفقنا الله وإياه للحق- قد أكثر من باب الردّود، بداعٍ وبغير داعٍ، بحقٍّ وبغير حقٍّ، وأغرق في ذلك، حتى صار علمًا عليه، وسمةً بارزةً في منهجه ودعوته.
والاشتغالُ بالردود عمومًا، والإكثارُ منها ليس مذمومًا في أصله، بل قد يكون واجبًا ومتعيّنًا، لكنَّ المذموم أن يخرج الردُّ عن ميزان الاعتدال إلى التطفيف والعدوان، وعن منهج الاتباع إلى الابتداع والاختراع، وعن الانتصار لله إلى الانتصار لحظوظ النفوس وأمراض القلوب، وطلبِ العلوِّ في الأرض.
وإلا فإنَّ الردّ على المخالفين جادةٌ مسلوكةٌ للسلف الماضين والأئمة المرضيين، ضَبطتْ الشريعةُ أصولَها وقواعدَها ضبطًا لا مزيد عليه، وأحكمتها النصوصُ والآثار، ولم تجعلها تبعًا للأهواء والأذواق، والآراءِ، والطباعِ، ولذلك كان هذا الباب ولا يزال سدَّا منيعًا للشريعة، وصونًا لها عن التحريف والتغيير والتبديل، وعدَّه العلماء من أعظمِ أبواب الجهاد في سبيل الله، والذبِّ عن حياض الدين والإيمان.
ومعلومٌ أنَّه إذا لم يُحكمْ بابُ الردود، ويُضبطْ بضوابط الشريعة، ويُسَرْ فيه على طريقة السلف والأئمة، فسيغدو معولَ هدمٍ لا بناء، ونقمةً لا نعمة، وفتنةً لا أمن.
فكان من المتعيّن على كل من أراد سلوكَ هذه الجادة أن يضبطَ أصولَ وقواعدَ هذا الباب، بالنظرِ في النصوصِ والآثار وعمل السلف، والاهتداءِ بطريقة العلماء الربانيين والأئمة المرضيين.
وقد ذكرتُ أصولَ وضوابطَ هذا الباب في رسالة الماجستير بعنوان (أصولُ وضوابط الردّ على المخالف مستقاةً من منهج الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله)، وبيّنتُ كثيرًا منها في محاضرتي بعنوان (منهج أهل السنة والجماعة في الردّ على المخالفين وصيانته من التشويه والتحريف).
وعلى إكثارِ الشيخ سالمِ الطويل من هذا الباب، واشتهارِه به، إلى حدِّ امتهانه العلمَ بكثرة الردود العلنية على كل أحدٍ، وفي كل أمرٍ، سواءٌ كان صالحًا للنشر أو غير صالح، مخالفًا بذلك هديَ العلماء الراسخين وسيرتَهم في النقد والردِّ على المخالفين، فمع إكثار الشيخ سالم من الردود، بداعٍ وبغير داعٍ، وامتهانِه العلمَ بذلك، ليته تقيَّد بأصول وضوابطِ الردّ على المخالف، واقتفى أثرَ العلماء فيه، وانتهجَ نهجَهم، بل للأسف، سار الشيخ سالم على منهجية مغايرةٍ لمنهجية السلف والأئمة، وانحرف عن طريقهم، متذرعًا بالدفاعِ عن السنَّة، ونصرةِ العقيدة السلفية، عازيًا منهجيتَه المُستحدثةَ إلى أهل السنَّة والجماعة وطريقِهم ومنهجِهم، فكان فعله سببًا في تشويهِ صورة السلفيةِ في أذهان كثيرٍ من الناس ونفورِهم عنها، وتجرأ بسببه أهلُ الجهلِ والطيشِ والعجلةِ والأغمار والصغار على اقتحامِ لجةِ الردود، وخوضِ غمارها، والغوصِ في أعماقها بلا عدّة، نصرةً للسنّة زعموا، وذبًّا عن العقيدة، فوقعت بسببهم فتنٌ، وتفرقت كلمةٌ، واستبيحت أعراضٌ مصونة، وسُلبت حقوقٌ مكفولةٌ مضمونة. وقد عانى هو نفسه ومحبُّوه، فضلًا عن غيرهم، من سوء منهجيته.
والشيخ -هدانا الله وإياه- قد أساء إلى نفسه وإلى سائر السلفيين في مسلكه المشين في الردود وتعامله مع مخالفيه، وأصبح اليوم هو وعبدُ العزيز الريّس وأتباعُهما على طريقتهما مضربَ مثلٍ للسخرية بالدعاة السلفيين.
وهو ما يجعل بيانَ الحق متعيّنًا على مَنْ عَلِمَ وقَدَرَ، صيانةً لهذا الباب العظيم من أن ينالَه تحريفٌ، أو يشوبَه تخليطٌ، وتنزيهًا للسلفية عما ألصق بها من الممارسات الدخيلة، ونصيحةً لعباد الله، وذبًّا عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبرئةً لمنهج السلف القائم على العدل والإحسان، والعلم والرفق، ونصرةِ الحق ورحمةِ الخلق، ونهوضًا بالدعوة السلفية وتنقيتها من انتحال المبطلين، وتحريف الغالين، وتأويل الجاهلين.
قال ابن تيمية -رحمه الله- في وصف أهل السنّة والجماعة: (هم أعلم بالحقِّ، وأرحم بالخلق). المنهاج ٥/١٥٨
وهذا الوصف الذي ذكره شيخ الإسلام عن أهل السنّة والجماعة لا بد أن يُترجم واقعيًّا لا نظريًّا.
والفتنة بكثرة الردود بلا مسوِّغٍ شرعي، وبدون أن تتقيَّدَ بضوابطِ أهل السنّة والجماعة وقواعدهم، بل باتباع هوى النفوس، وأمراضِ القلوب، والاستسلامِ للطباع، قد أحدث فتنةَ الغلوِّ في التبديع، التي تصدَّى لها أهلُ البصيرة من العلماء في أولِّ أمرها، منهم الشيخ عبدُ العزيز بن باز والعثيمين -رحمهما الله-، والشيخ عبدُ المحسن العباد البدر، وغيرهم.
وسأذكر في هذه المقالة، على وجه الاختصار، بعضَ مواضعِ الزلل والخللِ في منهجية الشيخ سالمِ الطويل في باب الردود، ليقف المستمع والقارئ على مدى انحرافه فيه عن منهج السلف، وخروجه عن طريقهم، فأقول مستعينًا بالله:
الأمر الأول
خروجُه كثيرًا عن محل النزاع، وتعدّيه موضعَ المخالفةِ المردود عليها إلى أمورٍ خارجةٍ لا تعلق لها بالمخالفةِ، كالكلامِ على جنسيةِ المردود عليه، أو بلدِه، أو ذِكره موقفًا شخصيٍّا جرى له مع المردود عليه، أو مخالفةً سابقةً رجع عنها، أو ذنبًا تاب منه، ونحوِ ذلك، كقوله: (اللبناني الذي في بريطانيا)، (السوري الذي في ألمانيا)، و(المصري الذي في كذا وكذا) وهكذا يُكرر الشيخ سالم ذِكرَ جنسياتِ المردود عليهم وبلدانِهم، وينصُّ على محل إقامتِهم، على وجه يُشعر باستحقارِ المردود عليه وازدرائِه، ويثيرُ النعرةَ الجاهلية والتعصبَ للأعراق والبلدان. وقد يُضيف الشيخ سالم إلى ذلك -هدانا الله وإياه- ما هو أقبح منه، كقوله: (أنت مشردٌ عن بلدك) على وجه يُشعر بالتعيير، وقوله: (دع عنك دول الخليج) وغير ذلك من عبارات العيب والتحقير والتسفيه.
وربما يُسمي المردودَ عليه بما لا يشتهرُ به، ولا يُعرفُ عنه، كما في ردّه على الدكتور علي السند الذي بعنوان: (نقد منهج الدكتور على يوسف أحمد غلوم سند)، ولا يخفى أنَّ كمال اسم المردودِ عليه، حتى لو اختلف في بعضه عما اشتهرَ به، كاختلاف (سند) عن (السند)، أو ورود اسم أعجمي لأحد أجداد المردود عليه كـ(غلوم)، لا تعلق له بالخطأ والمخالفة، ولا يظهر لذكرِه والتنصيصِ عليه معنى إلا التسفيهَ، والتحقيرَ، والنبزَ، والعيبَ.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الكبر بَطَرُ الحق، وغَمْطُ الناس)، غمط الناس: احتقارهم، وقال أيضًا: (بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم).
نعم، قد يُحقِّرُ أهلُ السنّة بعضَ أهل البدع أحيانًا، ويحطون مِن قَدْرِهم، تبعًا للمصلحة، تنفيرًا عنهم، لكن ليس بعيب بلدانِهم، أو أسمائِهم، أو أنسابِهم، بل بالتغليظِ عليهم، ووصفهِم بما يليق بهم من البدعةِ والضلالة، وتركِ تفخيمهم، وعدمِ تلقيبِهم أو تكنيتِهم، وإهمالِ ذِكر منزلتِهم العلمية أو مكانتهم الاجتماعية.
الأمر الثاني
عامةُ ردودِ الشيخ سالم الطويل ضعيفةُ التدليل، قليلةُ البحثِ والتحقيق، كثيرةُ الحشو الذي لا طائلَ من ورائه، ولا فائدةَ تعود منه على القارئ والمستمع، فهو يكثرُ من ذِكرِ القصصِ والحكايات والمواقفِ الشخصية، على أسلوب القصاصين والحكواتية، واعتبر ذلك في ردوده الستةِ أو السبعةِ عليَّ أنا بالخصوص، لا تكاد تجد فيها موضعَ بحثٍ ومناقشةٍ وتحريرٍ وتقريرٍ وتدليلٍ وفائدةٍ، بل عامتُها أو كلُّها، مليئةٌ بالحشوِ والكلامِ الذي لا فائدة منه، وأمورٍ لا تعلق لها بما يزعمه مخالفةً ينتصب للردِّ عليها، وسأنقل على سبيل التمثيل بعض ما قاله في ردّه عليّ الذي كان بعنوان (أخي فيصل بن قزار الجاسم وفقك الله لهداه لا تُشمت بنا الإخوان ولا تصف السلفيين بالمتحزبين)، حيث قال: (إذا كان الأخُ الكريمُ فيصل سلفيًّا؛ فليعلم أن كلامَه قد فرح به الإخوانُ المسلمون ومَن تفرع منهم كالسروريين، والتكفيريين، والمساعرةِ، والهيتويةِ، والصوفيةِ، والأشاعرةِ، وحزبِ الأمة، وطائفةِ (محشوم)، وطائفةِ (أنا لست من الإخوان)، وكلُّ مَن يعمل بقاعدة (نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه). فلا نجد مثلاً الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق يرد على د.عجيل النشمي، ولا د.عجيل يرد على د.خالد المذكور، ولا د.المذكور يرد على د.محمد عبدالغفار، ولا د. عبدالغفار يرد على د.طارق السويدان، ولا د.السويدان يرد على د.حاكم المطيري، ولا د.حاكم يرد على د.طارق الطواري، ولا د.الطواري يرد على د.أحمد الذايدي، ولا د.الذايدي يرد على د.عيسى زكي، ولا د.زكي يرد على عزام التميمي، ولا عزام يرد على د.شافي العجمي، ولا د.شافي يرد على د.عبدالرزاق الشايجي، ولا د.الشايجي يرد على حمد السنان، ولا السنان يرد على د.وليد الطبطبائي، ولا د.الطبطبائي يرد على د.جمعان الحربش، ولا يرد د.الحربش على د.حامد العلي، ولا د.حامد يرد على د.محمد العوضي، ولا د.محمد العوضي على د.نبيل العوضي، ولا د.نبيل يرد على النائب السابق مبارك الدويلة، ولا النائب الدويلة يرد على الأستاذ جاسم مهلهل الياسين، ولا الأستاذ جاسم على يرد د.صلاح الراشد، ولا يرد د.الراشد على د. علي يوسف سند غلوم، ولا د. علي غلوم يرد على ناصر شمس الدين، بل ولا على النصراني عزمي طوني بشارة، ولا أحد من هؤلاء يرد على د.يوسف القرضاوي، ولا الحبيب الجفري، ولا راشد الغنوشي، ولا سلمان العودة، ولا محمد العريفي، ولا المسعري، ولا سعد الفقيه، إلا نادرًا، والنادر لا حكم له…)!!!
فالشيخ سالمُ الطويل كثيرُ الكلام الإنشائي، يُطوّلُ الردودَ بكلامٍ مرتجلٍ، وتكرارٍ ممل، على غيرِ طريقةِ أهل العلم.
قال الشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله- في رسالته “الردّ على المخالف”: (فاحذر مِن تكثير العبارةِ بالتطويل، والكلامِ المكرور، المشتملِ على الغثِّ والسمين، فهو مخلٌّ مملٌّ، بما يجلبه من وهاء وفتور).
وقد جرت عادةُ العلماء في ردودهم حصرَ الردِّ على المخالف في ذكرِ الدلائلِ النقلية والنظرية، والتركيزِ على بحثِ المسائل وتصويرِها، وبيانِ حكمها، وذكرِ آثارها، فتراهم يبينون موضعَ الخطأ من كلامِ المخالف، والتدليلَ عليه، وبيانَ الصوابِ مع التدليلِ والتعليل، وهي طريقةُ القرآن، وهذا ما يجعل كتبَ الردودِ من أنفس الكتب تحريرًا للمسائل، وأحسنِها تنقيحًا لمناطات الأحكام، وأكثرِها توسعًا في الدلائل النقلية والنظرية، وأدقِّها في بيان عِبَرِ التاريخ والوقائع، ومثلُها مقالاتهم في الردِّ، ولك أن تنظر في ردود شيخ الإسلام ابن تيمية وأئمة الدعوة على المخالفين، وتتأمل في مقالاتِ أهل العلمِ المعاصرين وردودِهم، كبارهم ومتوسطيهم، من أمثال الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ عبد المحسن العباد، والشيخ صالح الفوزان، وغيرهم، فإنك تجد ردودَهم مليئةً بالعلم والبحث والتحقيق.
ونظرًا لضعف الحجة في عامّة ردود الشيخ سالم، وقلةِ ما فيها من البحث العلمي والتحقيق، تراه يُكثرُ من الردّودِ الصوتية والمكتوبة على شخصٍ معيّن أو طائفةٍ في موضوعٍ واحد، ويكررُها بلا مزيدِ فائدة، ففي موضوع مقاطعةِ البضائع الفرنسية له خمسةُ مقاطع متفرقة، وهكذا في عامّةِ ردوده يكررُ الكلامَ ويُكثر الحشو، واعتبر بردوده على محمد العنجري، ومحمد بن هادي، وبردّه عليَّ، وردهّ على الشيخ مطلق الجاسر في الإباضية، وعلى آخرين كثيرين، تراه يُكثر من الردود على شخصٍ واحدٍ في موضوعٍ واحد، وكأنه في حلبةِ مصارعةٍ وعراك، وهو بذلك يُضيع وقتَه ووقتَ محبّيه ومناصريه ويُشغل أذهانهم بلا فائدةٍ ولا مصلحة.
وليس هذا خاصًّا بردوده على مخالفيه، بل غالبُ محاضراتِه ولقاءاتِه العلمية والدعوية في المجالس، يُكثِرُ فيها من الحشوِ والقصصِ والحكايات، بل لا تكاد تجد له محاضرةً متكاملةَ الأركان، تحتوي على: مقدمة، وعناصر، وفيها سبرٌ وتقسيم، وأدلةٌ وبحث، وخلاصةٌ ونتيجة، ولا يُعرف له أيضًا مؤلفٌ فيه بحثٌ وتحقيقٌ هو مرجعٌ في بابه.
ونصيحتي له أن يكثرَ من قراءة كتب أئمة الدعوة النجدية بالخصوص، ويعكفَ عليها، ويتأملَ في ردودهم على مخالفيهم، فإنها حوت نفائسَ ودررًا وفوائدَ قلما توجد في غيرها، وفيها دربةٌ على تعلمِ أصولِ الردّ على المخالفين والإلمام بقواعدِه وضوابطِه.
الأمر الثالث
الشيخُ سالمُ الطويل كثيرًا ما يحاكمُ خصومَه في ردودِه على رأيه واجتهاده، لا على أمرٍ محكمٍ في الشرع، فهو في كثيرٍ من ردودِه ينكر على خصمه ما يخالفُ رأيَه وتقديرَه للأمور، لا ما يخالفُ الشرعَ ويباين الدليلَ، ولا شكَّ أنَّ هذا نوعٌ مِن التحاكم إلى غيرِ شرع الله، وهو داخلٌ في اتباع الهوى.
فتراه يردُّ ردًّا مكتوبًا أو مصوَّرًا على شخصٍ لم يقع منه ما يخالفُ النصوصَ صراحةً، بل غايتُه أنه فعل أو قال ما يخالفُ تقديرَ الشيخِ سالم ورأيَه واجتهادَه، مثلُ إنكارِه على من خرج في قناةٍ معينة، كقناةِ الجزيره القطرية، كما فعله مع الشيخ عثمان الخميس، أو يُنكر إلقاءَ محاضرةٍ في موضعٍ معين، كإنكارِه على الشيخ مطلق الجاسر مشاركتَه في مؤتمرٍ عن الإلحاد في عمان، أو يُنكرُ على شخصٍ زيارةَ شخصٍ معين، أو عيادةَ شخصٍ معين، أو ترحمَّه على شخصٍ معين، وهكذا، فتراه يرتّبُ على مثل هذه الأمور ما يُرتَّبُ على من خالفَ النصوصَ أو الإجماع.
ولا يخفى أن هذه المسائلَ مسائلُ تقديريةٌ، تختلف فيها الاجتهادات والأنظار والتقديرات، وهي راجعةٌ في الأخير إلى تقديرِ الشيخ وطالبِ العلم نفسه للأمور، وقد تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص.
ولذلك كثيرًا ما يُورد على استنكارِ الشيخ سالمٍ مثلَ هذه الاجتهادات، واشتغالِه وانتصابه للردّ فيها، وقوعَ مثلِها مِن بعض أكابر العلماء في وقائعَ كثيرةٍ، كعيادةِ الشيخ صالح الفوزان لعائضِ القرني، وحضورِه مأدبةٌ في بيت الشيخ صالح المغامسي، والأمثلةُ في ذلك كثيرة، فالشيخُ سالم الطويل ما بين تخطئةِ الأكابر أو التناقضِ.
ومثلُ هذه الأمور، المشروعُ فيها التناصحُ لا الإنكارُ والتشهيرُ والتغليظُ والعيبُ على نحو ما يفعله الشيخ سالم، فلا مانع من تواصلِ الشيخ سالم مع مَن وقعت منه والتباحثِ معه، وإبداءِ رأيه وبيانِ ما يراه من المفسدة فيها بحسب اجتهاده وتقديره، لكن لا تُبيح الإنكارَ كتابةً أو تصويرًا بحال، فضلًا عن إيجابه.
الأمر الرابع
أنَّ الشيخ سالمًا الطويل سريعُ الاتهام، ضعيفُ التثبت، كثيرُ المجازفة، فتراه يحكم على شخصٍ بالبدعة، أو المخالفةِ والخروجِ عن منهج السلف بلا بيّنةٍ ولا برهان، بل قد يكون بالكذبِ والبهتان، ويكفي أنْ أمثّل بما فعله بي ليكون مثالًا يُنبئ عما يفعله مع غيري، ففي ردّه المزعوم عليَّ بعنوان: (رسالة خاصة وعامة إلى الشيخ فيصل بن قزار)، قال معرِّضًا باتهامي بالسرورية: (شاعت الأخبارُ وانتشرت أنك تزور بعض السروريين خارج الكويت، فهل تتواصل معهم لتنصحهم أو لأن بينكم توافق واتفاق؟!! ولوحظ عليك أنك لا تتكلم عن السروريين، لا بالتصريح ولا بالتلميح ولا بالتغريد، بل تدافع عنهم وتصادقهم وتبادلهم الزيارات، فأين أنت من حديث (إنها صفية)؟!! بَيّن سبب تواصلك مع السروريين خارج الكويت حتى لا يساء فيك الظن، وحتى ترفع عن إخوانك الإثم).
وهذا كذب صريحٌ وبهتانٌ، فهلا أبان الشيخُ عن أسماءِ هؤلاء السروريين الذين أبادلهم الزيارات وأصادقُهم، وأدافعُ عنهم، وأتواصلُ معهم خارج الكويت؟!
فالشيخ سالم يحتاج إلى أن يُثبّتَ العرش قبل يقوم بنَقْشِه، فيحتاج إلى أن يسمّي هؤلاء، ثم يثبتُ كونَهم من السرورية، ثم يُثبتُ تواصلي معهم، وتكرارِ زيارتي ومصادقتِي إياهم، فإذا ثبت كلُّ هذا، فليُقم الدليل السالم عن المعارض بعدَها على صحةِ اتهامي أو التعريض بانتسابي إلى السرورية أو انتهاجي نهجهم بمجردِ ذلك، وهيهات.
وأما قوله: (شاعت الأخبار وانتشرت)، فلا أدري: أين شاعت؟ ومن الذي أشاع هذه الأخبار المزعومة المكذوبة؟ {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين}.
والشيخ هدانا الله وإياه بفعله هذا له نصيب من وصف الله تعالى لليهود بقوله: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ}، فأين هو من قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}.
وأما قوله: (ولوحظ عليك أنك لا تتكلم عن السروريين، لا بالتصريح ولا بالتلميح ولا بالتغريد)، فمن البهتان والكذب الصريح، فهل سبر الشيخُ سالمٌ مؤلفاتي ومقالاتي ومحاضراتي وتغريداتي حتى يدّعي هذه الدعوى العريضة؟! فإنَّ كلَّ من اطّلع على مؤلفاتي ومحاضراتي وتغريداتي أدنى اطلاع يعلم أنني من أكثر من انتقد منهجَ السروريين، وكتبَ فيهم، وبيَّن خطورةَ منهجهم، ومخالفتَه لمنهج أهل السنّة والجماعة. وللشيخ سالم أن ينظر في كتابي (حقيقة الخوارج في الشرع وعبر التاريخ)، وكتابي (الإعلام ببطلان نسبة جماعات الغلو والتكفير لدعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب)، وكتابي: (>مسائل منهجية حول مفهوم الخلافة الإسلامية)، فضلًا عن التغريدات الكثيرة، والمحاضرات المتنوعة التي ذكرتُ فيه هذه الجماعة بالاسم فضلًا عن الوصف.
وإني أذكِّرُ الشيخَ سالمًا بقوله تعالى: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قال في مؤمن ما ليس فيه، أسكنه الله في ردغة الخبال حتى يخرج مما قال».
وهذا يؤكد مجازفةَ الشيخِ سالمٍ في اتهام خصومه، وعدمَ تحقُّقِه وتثبُّتِه، وهو أمرٌ لا يليق بآحاد الناس فضلًا عمن ينتسب إلى العلم.
ومن جملة افتراءاته على خصومه واتهاماته لهم بالباطل ومجازفاته: ادِّعاؤه بأنني لم أعرف أصل السمع والطاعة للولاة إلا قبل عشرِ سنين أو خمسَ عشرة سنة، قال ذلك في شريط مصور في شهر يناير من سنة ٢٠٢١م، بعنوان (رسالة إلى الشيخ (…) اتق الله)، جاء فيه بالنصّ: (فأنت -بارك الله فيك- واحد من الناس ما كنت تعرف، أنا أعرف مشايخك، ما علّموك طاعة ولاة الأمر، ولا يقول هذا مِن دين الله -عز وجل- ولا من اعتقاد أهل السنّة والجماعة، يمكن أنت بنفسك ما عرفتَ هذا الأمر إلا قبل عشر سنوات أو خمسة عشر سنة!!).
ومضمون كلامه أنني لم أعرف أصل السمع والطاعة إلا سنة ٢٠١١م أو على أبعد تقدير سنة ٢٠٠٦م!!
هذه هي عادة الشيخ سالم -هدانا الله وإياه- يُطلقُ الدعاوى ويُلقي الاتهامات جزافًا، بلا تثبت ولا روية.
أَنَسِيَ الشيخ، أم تَنَاسَى وتَعَامَى، أنني أَلَّفتُ كتابي (كشف الشبهات في مسائل العهد والجهاد) في تعزيز أصل السمع والطاعة والردّ على شبهات القاعدة سنة ٢٠٠٢م، وقد أعيدت طباعته ثمان مرات، وألَّفتُ كتابي (حقيقة الخوارج في الشرع وعبر التاريخ) سنة ٢٠٠٥م.
ما هذا الافتراء؟! أهكذا تُلقى التهم جزافًا؟! هل هذا هو سبيل من يخاف الله ويرجو اليوم الآخر؟! أهذه هي طريقة أهل العلم؟! أهذا هو المنهج السلفي الذي يتغنَّى به الطويل؟!
أنا بحمد الله وفضله كتبتُ وألّفتُ وحاضرتُ ودرّستُ في تقرير مذهب أهل السنّة والجماعة، أقول هذا تحدثًا بنعمة الله عليَّ، لا تعاليًا ولا تفاخرًا.
ومن طريقة الشيخ سالم -هدانا الله وإياه- ومنهجه أنّه كثيرًا ما يخوض في الأمورِ المشتبهةِ أو المحتملةِ، ويُصيِّرُها أموراً محكمةً ثابتة، فيشرِّقُ ويُغرِّبُ على أمر مشتبهٍ محتملٍ، لا على أمرٍ محكمٍ ثابت، ويَعْمَى عن منهج المردودِ عليه المحكمِ الثابتِ في مؤلفاته ومقالاته ودروسِه ومحاضراتِه، بينما يقف على ما احتمل من كلام المردود عليه وفعاله، وما يريده هو ويفهمه بهواه.
وقد يأخذ مقطعًا مُجتزءًا من سياقِه وموضوعِه، بقصدِ التشنيعِ على قائِلِه، ولا يرجع إلى محكمِ كلامه، وصريحِ عبارته، كما فعله وللأسف مع كثيرين، آخرهم الداعية ذاكر نايك، إذ اقتطع من سياق كلامه ما يتمكّن به من التشنيع عليه، إذ ادَّعى أنه ينفي قدرة الله على كل شيء، وسياق الكلام وتمامه يدلُّ دلالة وضاحة على أنه يقصد ما هو ممتنعٌ لذاته، مثل أنْ يخلق الله إلهًا آخر، ونحو ذلك، وهذه من طرائقِ أهل البدع لا من طرائقِ أهلِ السنّة، فإنَّ أهلَ البدع يجتزؤون النصوصَ، ويخرجونها عن سياقِها وموضوعِها بما يخدمُ بدعتَهم، كما فعله أوائلُهم الخوارجُ مع آيات الحُكم.
وفي ذلك ما رواه البخاري أنَّ رَجُلًا حَجَّ البَيْتَ، فَرَأَى قَوْمًا جُلُوسًا، فَقالَ: مَن هَؤُلَاءِ القُعُودُ؟ قالوا: هَؤُلَاءِ قُرَيْشٌ. قالَ: مَنِ الشَّيْخُ؟ قالوا ابنُ عُمَرَ، فأتَاهُ فَقالَ: إنِّي سَائِلُكَ عن شيءٍ أتُحَدِّثُنِي؟ قالَ: أنْشُدُكَ بحُرْمَةِ هذا البَيْتِ، أتَعْلَمُ أنَّ عُثْمَانَ بنَ عَفَّانَ فَرَّ يَومَ أُحُدٍ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَتَعْلَمُهُ تَغَيَّبَ عن بَدْرٍ، فَلَمْ يَشْهَدْهَا؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَتَعْلَمُ أنَّه تَخَلَّفَ عن بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَلَمْ يَشْهَدْهَا؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَكَبَّرَ، قالَ ابنُ عُمَرَ: تَعَالَ لِأُخْبِرَكَ ولِأُبَيِّنَ لكَ عَمَّا سَأَلْتَنِي عنْه، أمَّا فِرَارُهُ يَومَ أُحُدٍ فأشْهَدُ أنَّ اللَّهَ عَفَا عنْه، وأَمَّا تَغَيُّبُهُ عن بَدْرٍ، فإنَّه كانَ تَحْتَهُ بنْتُ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكَانَتْ مَرِيضَةً، فَقالَ له النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ لكَ أجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وسَهْمَهُ وأَمَّا تَغَيُّبُهُ عن بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، فإنَّه لو كانَ أحَدٌ أعَزَّ ببَطْنِ مَكَّةَ مِن عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ لَبَعَثَهُ مَكَانَهُ، فَبَعَثَ عُثْمَانَ، وكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ بَعْدَما ذَهَبَ عُثْمَانُ إلى مَكَّةَ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيَدِهِ اليُمْنَى: هذِه يَدُ عُثْمَانَ – فَضَرَبَ بهَا علَى يَدِهِ، فَقالَ – هذِه لِعُثْمَانَ، اذْهَبْ بهذا الآنَ معكَ.
بل إنَّ بعض من كان يُجلّهم الشيخ سالم ويُعظّمهم من مشايخه وأقرانه، قبل أن يختلف معهم، قعَّد لهذه الضلالة، وزعم أنَّ قاعدة حملِ المجمل على المفصَّلِ والمبيّن، والمتشابِه على المحكمِ، خاصَّةٌ بكلام الله وكلام رسوله فقط، أما عموم الناسِ والعلماءِ والدعاةِ فيُمكن الحكمُ عليهم بالمشتبه من كلامهم وبالمجملِ منه، والإعراضُ عن المحكمِ والمبيَّنِ والمفصَّلِ من مقالهم، وفعالهم ودعوتهم ومنهجهم. كما قرره الشيخ ربيع المدخلي، وكذلك أحمد بازمول، وغيرهما.
قال ابن تيمية في “الصارم المسلول” (287): (وأخذُ مذاهبِ الفقهاء من الإطلاقات من غير مراجعة لما فسَّروا به كلامَهم، وما تقتضيه أصولهُم، يجرُّ إلى مذاهب قبيحة).
وقال ابن القيم في “مدارج السالكين” (3/521): (والكلمةُ الواحدة يقولها اثنان يريد بها أحدُهما أعظمَ الباطل، ويريدَ بها الآخر محضَ الحق، والاعتبارُ بطريقة القائلِ وسيرتِه ومذهبِه وما يدعو إليه ويناظرُ عليه).
قال الشيخ بكر أبو زيد: (فيتعين طرحُ العبارات المرهَقَة بالمعاني المحتملة بسبب العموم، والإطلاق، ولْيحمل كلامَ الخصم على أحسنِ المحامل ما أمكن ذلك).
وقد أجاب الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله تعالى- على سؤالٍ، نصُّه: هل يُحمل المجملُ على المفصل في كلام الناس؟ أم هو خاصٌ بالكتاب والسنة؟ نرجو التوضيح ـ حفظكم الله ـ؟ فأجاب الشيخ: (الأصلُ إن يُحمل المجملُ على المفصَّل، الأصلُ في نصوص الشرع من الكتاب والسنّة، لكنْ مع هذا؛ نحملُ كلامَ العلماء، مجملَه على مفصَّلَه، ولا يُقَوَّلُ العلماءُ قولًا مجملاً، حتى يُرْجَعَ إلى التفصيلِ من كلامهم، إذا كان لهم قولٌ مجملٌ، وقولٌ مفصّل، نرجع إلى المفصَّل، ولا نأخذ المجملَ).
فأين الشيخ سالم، ومن يدور في فلكه، من كلام هؤلاء الأئمة والعلماء الكبار.
الأمر الخامس
أنَّ الشيخ سالمًا الطويل قد يتَّهمُ بعض خصومه ويُبدِّعُهُم بأمورٍ غير ظاهرة، بل خفيةٍ تحتاج إلى إثباتٍ بقواعد الإثبات، فقد يُخبر عن شخصٍ بأمورٍ -إن ثبتت- لا يعلمها إلا أجهزةُ الأمن والاستخبارات، كقوله عن الشيخ محمد المنجد: (عُرفُ حالُه من خلال الدعم الذي يدعمه لدعاة السرورية في بلاد أخرى، خارجِ المملكة، يرتبُ لهم رواتبَ، ويوظِّفُهم بوظائف، حتى يشتغلوا له، وحتى يُعمِّروا موقعَه الالكتروني، فلما عُلم أمرُه، وافتُضح أمرُه، تم القبض عليه كما هو معلوم). فمن أين جاء الشيخ سالم بهذه المعلومات؟! ومن أخبره بها؟! فهذه أمور غيرُ معلومة ولا ظاهرة، ولا يمكن أن يهتدي لها الشيخ سالم ولا غيره، إلا بإخبار مخبرٍ من الأجهزة الأمنية.
وأعجب منها استدلالُه على سرورية الشيخ المنجد بكونه زكّى الشيخ الصادق الغرياني، مفتي ليبيا السابق، في كونه أهلًا لفتيا أهل ليبيا، وقال الطويل: (كيف يزكيه؟ وقد تكلم الغرياني في السعودية وحرَّض عليها؟) ولم يفطن الشيخُ سالم إلى أنَّ تزكيةَ المنجد للغرياني كانت قبل انقلابِ حفتر بسنين، وقبل أن يظهر من الغرياني ما يظهر، فكيف يكون هذا دليلًا على سرورية المنجدِ وانحرافِ منهجه؟!
وأعجبُ منه أنه لما أُورد على الشيخ سالم هذا الأمر، قال مجيبًا: لماذا لم يتبرأ المنجد من تلك التزكية؟!
فيا أيها العقلاء، هل يمكن اعتبارُ عدمِ إعلان المنجد تبرؤَه وتراجعَه عن تزكية الغرياني دليلًا على سروريته؟ وهل يسوغ إصدارُ الأحكام، وإثباتُ البدعة، بمثل هذه الأمور المحتملة التي تتنوع أسبابها وتخفى؟!
لو كان هذا دليلًا سائغًا في التبديع بمفرده، لم يكد يسلم لنا عالمٌ، فقد زكَّى كثيرٌ من العلماء بعضَ الأشخاص قبل أن يظهرَ انحرافُهم، ومع ذلك لم يُعلنْ العلماءُ رجوعَهم عن تلك التزكية وتبرؤَهم منها، فقد زكّى الشيخُ العثيمين أسامةَ بن لادن قبل أن يظهر انحرافُه، ولم يعلن تراجعَه عن تلك التزكية، وزكّى الشيخُ الفوزان صلاحَ الصاوي وقدّمَ له كتابًا، قبل أن يفتضحَ أمرُه ويظهرَ انحرافُه، ولم يعلن الشيخ تراجعَه عن تلك التزكية، وذلك التقديم، والأمثلةُ في هذا كثيرة.
وأنا لا أقصد بهذا الكلام تبرئةَ الشيخَ المنجدَ من السرورية، ولا أتّهمه بها أيضًا، وإنما مرادي هنا ذِكرُ طريقةِ الشيخ سالم الطويل في التبديع والاتهام المخالفةِ للنصوصِ والقواعدِ، ومنهجِ العلماء وطريقتِهم.
ولا شك أنَّ إخراجَ الناسِ من السنّة شديدٌ، واتهامَهم بالبدعة أمرٌ خطيرٌ، لا بد أن يستند إلى دلائلَ ظاهرةٍ، وحقائقَ معلومةٍ ثابتةٍ، لا موهومةٍ ولا مظنونةٍ.
والأصلُ في الردّ على المخالف عند أهل السنّة والجماعة أن يكونَ على الثابت من أقوالِه وأفعالِه المخالفةِ للنصوص، فيذكرُ الرادُّ نصَّ المردودِ عليه المخالفَ للنصوص، مثلَ أن يذكرَ نصَّه في أنَّ العمل شرطُ كمال، أو في نجاةِ تاركِ العمل بالكليّة مع القدرة، ونحوِ ذلك من النصوص الحقيقةِ بالتبديع، أو يذكرَ فعلَه المخالفَ الثابت عنه، كمشاركتِه الاحتفالَ بالموالد، أو خروجِه في الثورات، ونحوِ ذلك من الأفعال الثابتة التي يُعلم مخالفتُها للشرع.
وعلى هذا جاءت ردودُ العلماء، فإنها كانت ردودًا على مخالفاتٍ ثابتةٍ لا مظنونةٍ ولا موهومةٍ ولا محتملةٍ.
فإذا كان هذا منهجُهم في التحقق من نسبةِ الأقوال المخالفة إلى أصحابها، ولو لم تستلزم التبديع، قبل قيامهم بالردِّ عليهم، فأخطرُ منه: أن يوصفَ الشخص بالبدعة، أو يُنسبَ إلى فرقة ضالة، بالظنِّ والوهم والاحتمال، ولذا كان الاحتياط في تبديع الأشخاص أولى من الاحتياط في نسبة ما لم يثبت عنهم من قولٍ مخالفٍ أو فعلٍ.
قال الإمام أحمد -رحمه الله-: (إخراجُ الناس من السنَّة شديد). “السنة للخلال” ١/٢٩١
فكيف إذا كان وصفُ الشخص بالبدعة يُعرضُه للعقوبة، فإنَّ السرورية فرقةٌ مجرمةٌ في المملكة العربية السعودية، واتهامُ الشخص بها يُعرّضه للمساءلةِ والعقوبة.
لكن يلزم التنبيه على أنَّ هذه الأمور التي أنكرنا التبديعَ بها وما جرى مجراها، قد تُسوِّغُ الاحترازَ من صاحبِها، واجتنابَه، لكنها لا تُسوّغ بحال الجزمَ بالحكم عليه بالبدعة والضلالة، أو نسبتَه إلى الجماعات المنحرفة، فضلًا عن تسويغ سجنهِ وعقوبتهِ وتبرير ذلك.
والشيخ سالم -عفا الله عنا وعنه- يسلك في هذا الباب مسلكَ غلاة التبديع، الذين فَرَّقوا المسلمين، وبدّعوا بالأهواءِ والظنونِ وموافقةِ الأقران، واتباع الرموزِ والمشايخِ المعظّمين، وما فتنةُ الشيخ ربيع بن هادي ومحمد بن هادي المدخليّين ومن لفَّ لفّهم وسار على طريقتهم عنا ببعيد، ولا يخفى أنَّ الشيخَ سالم الطويل قد سايرهم مدةً طويلةً، وكان نفسه ممن ساهم في تفخيمِ رموز هذه الفتنة ورفعِهم فوق ما يستحقونه من المنزلة العلمية والدعوية، حتى أثمر عند الشباب نوعًا من التقديس والحصانة لهؤلاء الرموز، ولك أن تنظرَ إلى مقالة الشيخ سالم التي بعنوان: (كاد ربيع أن يكون بدريًّا)، يعني: ربيع بن هادي المدخلي، وقد بقي الشيخ سالم معهم إلى أن اكتوى بنارهم، وتجرع مرارةَ تفخيمهم، فقلب لهم ظهر المجنّ. وليس من مقصودي الحديثُ عن هذا الأمر، لكنَّ اللبيب بالإشارة يفهم.
الأمر السادس
يُكثرُ الشيخ سالم في ردوده توجيهَ الأسئلة وامتحانَ الناس وتحدّيهم في الجواب عمّا يسألهم عنه، على غيرِ الطريقةِ المعهودة عن العلماء في ردودهم على المخالفين، وهي عادةٌ له ليست مختصةً بالردّود فقط، بل كثيرًا ما يأمر بها الشباب، فتراه يدعوهم إلى امتحان الناس بأمورٍ معيّنة، كما أمرهم بامتحان الدعاة في البيعة لولاة الأمور، ولا شك أنَّ هذه الطريقةَ مخالفةٌ لمنهج أهل السنّة والجماعة، ولهديِ العلماء، بل هي إلى طريقةِ أهلِ البدع أقرب.
وقد ذكر ابن تيمية هذا عن أهل البدع، فقال في أوصافهم: (وكذلك التفريقُ بين الأمة وامتحانُها بما لم يأمر الله به ولا رسولُه). “مجموع الفتاوى” ٣/٤١٥
ولمن أراد المزيد فليرجع إلى رسالة الشيخ عبد المحسن العباد البدر (الحث على اتباع السنّة)، ففيها فصل في بدعة امتحان الناس.
ومن عجائب امتحاناتِه أنه أرسل إليَّ يومًا سؤالًا يمتحنني فيه، في الوقت الذي دعا الناس فيه إلى امتحان الدعاة ببيعة أمير الكويت، قال فيه: (من سالم بن سعد الطويل إلى الشيخ فيصل بن قزار الجاسم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرجو إفادتي: هل تقول: أميرُ الكويت له بيعةٌ شرعيةٌ في أعناق رعاياه في الكويت؟ وهل لك تصريحٌ سابقٌ في إثبات البيعة لأمير الكويت أو عدمها؟ ملاحظة: سؤالي عن البيعة الشرعية، وليس عن السمع والطاعة بالمعروف. ومن حقّك الجواب من عدمه).
ولا يخفى على من له أدنى اطلاعٍ في العلم ومعرفةٍ بمنهج السلف أنّ هذه الطريقة ليست من طرائقِ أهل السنّة والجماعة؟! بل هي بطرائقِ الأجهزة الأمنية والاستخبارات أليق، وبمناهجِ الأحزاب والجماعات أقرب.
وأما أهل السنّة والجماعة فإنّهم يحاكمون المخالفَ على قولِه وفعله الثابتِ عنه، ويزنونها بميزانِ الشريعة، ولا يَسْعَوْن إلى استنطاقه بما لم ينطق به عبر توجيه الأسئلةِ والتحديات والإلزامات التي لم يلتزمها. نعم، قد يوردون على مقالتِه لوازمَ باطلة تدلّ على بطلانها، لكن لا يجعلونها قولًا له، ما لم يلتزمها.
الأمر السابع
الشيخ سالمُ الطويل يكيل بمكيالين، فهو يُبيح لنفسه ما يحرمه على غيره، ويطالب خصومه بالتزام ما لا يلتزمُه معهم، كمطالبته التزامَ العدل والإنصاف معه، بينما لا يلتزمه مع خصومه، وقد يُطلق لسانَه في اتهامِ بعض خصومه وإلزامِهم بما لم يلتزموه، وتقويلِهم ما لم يقولوه، بينما يستنكره ويستقبحه منهم إذا قابلوه به.
وأمثلةُ هذا الأمر في ردوده كثيرةٌ جدًّا لمن تتبعها، فقد عاب عليَّ وصفَ بعض المنتسبين إلى السلفية بالتحزب، واستنكر تحزيبي لهم، بينما فعل هو نفسُه عينَ ما عابه عليَّ، كما في مقاليه: (ينتقدون وينكرون التحزب والحزبية وهم متحزبون)، و(هل للسلفية قيادة مركزية وتنظيم عالمي)، في الإنكار على الشيخ ربيع وأتباعه.
ولما قال له بعضهم: (أنت تستهين بـ لا إله إلا الله) تعليقًا على كلامه في الدعاة إلى الإسلام في بطولة كأس العالم الأخيرة في قطر، قال معلقًا: (قل: كافر، لا تطولها، قل: كافر)، بينما استنكر إلزام خصومِه له بتكفيرِ الدعاة في كأس العالم بقوله: (لا عناية لهم بالتوحيد، ولا يفهمون التوحيد).
ومعلوم أنَّ اللوازمَ الباطلة تدل على بطلانِ الملزوم، لأنَّ الحقَّ لا يلزم منه إلا حقٌّ، لكنْ لازمُ القول ليس قولًا، ما لم يلتزمه القائل، فلا تُعاملُ اللوازم معاملةَ الصريح من الأقوال.
وهذه قاعدةٌ مهمة عند أهل العلم، وللشيخ العثيمين -رحمه الله- تفصيلٌ فيها حيث جعلها على ثلاثةِ أحوال: الحالِ الأولى: أن يُذكر للقائل لازم قوله أو فعله فيلتزمه، والثاني: أن يُذكر له ويمنعُ التلازمَ بينه وبين قوله أو فعله، ثم قال الشيخ: (وحكم هاتين الحالين ظاهر)، ثم قال: (الحالُ الثالثةُ: أن يكون اللازم مسكوتًا عنه، فلا يُذكر بالتزام ولا منع، فحكمُه في هذه الحال أنْ لا ينسبَ إلى القائل، لأنه يُحتملُ لو ذُكر له أن يلتزمَ به، أو يمنعَ التلازم، ويُحتملُ لو ذُكر له فتبين له لازمُه وبطلانُه أن يرجع عن قوله، لأنَّ فساد اللازم يدل على فساد الملزوم. ولورود هذين الاحتمالين لا يمكن الحكمُ بأنَّ لازم القولِ قولٌ. فإن قيل: إذا كان هذا اللازم لازمًا مِن قوله، لزم أن يكون قولًا له، لأن ذلك هو الأصل، لا سيما مع قرب التلازم. قلنا: هذا مدفوعٌ بأنَّ الإنسان بشرٌ، وله حالات نفسية وخارجية توجب الذهولَ عن اللازم، فقد يغفلُ أو يسهو، أو ينغلقُ فكرُه، أو يقولُ القول في مضايق المناظرات من غير تفكيرٍ في لوازمه ونحو ذلك). “القواعد المثلى”
فأهل السنّة والجماعة إذا أوردوا على خصومهم اللوازم الباطلة لأقوالهم، إنما مقصودهم إبطالَ مقالتهم، لا تقويلَهم إياها.
الأمر الثامن
عامّةُ ردود الشيخ سالم الطويل تدورُ حول أصلِ السمع والطاعة، والتحذيرِ من الخروج والثورة، وذمِّ الإخوان المسلمين، حتى ظنَّ كثيرون أنه لا يُحسن إلا هذا، ولا نشكُّ أنّ أصلَ السمع والطاعة للولاة، ولزومَ جماعتهم، أصلٌ عظيم من أصول أهل السنّة والجماعة، وعليه قوامُ وانتظامُ الجماعة، وهو أحدُ أعمدة ثباتِ الدين وصلاح المجتمع، لكنَّ الإكثارَ منه وتكرارَه بلا مسوّغٍ شرعي، والغلوَّ فيه يقودُ إلى مذاهب قبيحة، كالغلوِّ في الولاة وتقديسِهم، والمبالغةِ في الاعتذار عن مساويهم ومعاصيهم في حق الشريعة، وهو يُجرئ الولاة على الاستمرار في المعاصي والذنوب، ويقوي قلوبَهم على التمادي في تعدِّيهم على حدودِ الشريعة، ويفتحُ بابَ الإرجاء في مقابل باب الخروج والوعيد.
ولا ريب أنَّ العلماء المعاصرين فضلًا عن المتقدمين، قد بيّنوا هذا الأصل، وأوضحوه وقرروه، وردّوا على من زهّدَ فيه، ودعا إلى خلافه، كمن دعا إلى الثورة والخروج على أئمة المسلمين، أو أظهرَ عيبَ الولاة والقدحَ فيهم، وأوغرَ صدور الناس عليهم، ودعا إلى الفتنة والخروج عن الجماعة وشقِ عصا الطاعة، لكنهم لم يجعلوا هذا الأصل ديدَنهم، وهجّيراهم، ومحورَ نشاطهم في الردّود. فإنَّ دعاةَ الثورات والخروج ليسوا وليدةَ اليوم، كما أنَّ جماعة الإخوان المسلمين، ومن تفرّع عنهم كالسروريين وغيرهم، لم يُؤسسوا الساعة، بل لهم عشراتُ السنين، ولذلك لم يَخْفَوْا عن العلماء، ولم تكن أصولُهم وعقيدتُهم ودعوتهم خافيةً حتى استبانت اليوم، بل عرفها العلماء قديمًا، وحذّروا منها ومِن دعاة الفتنة والثورة، بعلمٍ واعتدالٍ وتوسّط، لا بغلوٍّ وإكثارٍ كما يفعله الشيخ سالم الطويل، وكثيرٌ ممن ينتهجون نهجَه، ويسلكون سبيلَه، ومن لفَّ لفَّه، ودار في فلكه، كعبد العزيز الريّس وحمد العتيق وحزبهما، ممن صاروا مطية للعلمانيين والحداثيين والليبراليين، ومناديل يتمندل بهم الحكام والرؤساء والسياسيون.
وليت ردودَ الشيخِ سالم على دعاة الفتنة والثورة، ورموز الإخوان المسلمين وغيرهم، على كثرتها، محررةٌ مُحَقَّقَةٌ، تجمعُ الأدلة، وتكشفُ الشبهة، وتحققُ المسألة، وتوردُ الإشكالات والاعتراضات وتجيبُ عنها، على طريقة أهل العلم والمعرفة، بل للأسف، فإنّها على كونها حقًّا في أصلها، إلا إنَّ التحقيقَ فيها قليلٌ، والحشوَ فيها كثيرٌ، وعامتها ردودٌ ارتجالية، يكثر فيها ذِكر القصصِ والمواقفِ الشخصية وإيرادِ الأسماء، والخوض في المعايب، وهي لا تبني دعوةً ولا تهدم فِكرًا.
ولو أنَّ الشيخ سالمًا ألف كتابًا جامعًا في هذا الباب، يكون مرجعًا فيه، لكان أنفعَ له وللمسلمين، وأوفرَ لوقته، وأبعدَ عن العراكِ والشجار والحشوِ وكثرةِ الكلام.
ومن مظاهر غلوِّ الشيخ سالم في هذا الباب، أننا نرى له نشاطًا كبيرًا، وحماسًا منقطع النظير في الدفاع عن حقوق الحكام إذا تُعرّض لها صراحة أو تلميحًا، كحماسِه في إنكار مقاطعة البضائع الفرنسية على اعتبار كونها نوعًا من مخالفة الحاكم!! بينما لا نجد منه مثلَ هذا الحماسِ والنشاطِ في الدفاع عن حق الله تعالى إذا كان له ارتباطٌ ببعض الدول والحكام، مع أنَّ المقام قد يستدعي في بعض الأوقات، بل يستوجبُ الانتصارَ لحقه تعالى، كالانتصار لحق الله تعالى في إنكار بناءِ المعابد الوثنية في جزيرة العرب، والتحذيرِ من نصبِ الأصنام المعبودة، على نحو ما جرى في الإمارات، وجرى قريبٌ منه في بعض البلاد حيث قامت بعض الهيئات الحكومية بالتنقيب عن الأصنام والتماثيل الداثرة، وأُرسل بعضُها إلى متحفِ اللوفر في فرنسا على سبيل الإعارة، ونُصبِ بعضُها في بعض متاحف البلد.
ومن مظاهر غلوِّ الشيخ سالم في هذا الباب أيضًا قيامه بنشر مقطعٍ مصورٍ له يُثني فيه على كلمةٍ للشيخ عثمان الخميس في تقرير أصل السمع والطاعة، والجوابِ عن بعض شبهات الثوريين، بعنوان (لله درّك يا شيخ عثمان الخميس)، لكن لما قامت الدنيا ولم تقعد على كلمةِ الشيخ عثمان الخميس في إنكار مشروعِ البيت الإبراهيمي في الإمارات، وضجت بها وسائلُ الإعلام، وتناقلتها كثيرٌ من وكالات الأنباء العالمية، مما أغضب بعضَ المسؤولين في الإمارات، فحملهم على الدفاع عن مشروعِهم في قنوات إعلامية كويتية، كما فعله الإماراتي الدكتورُ علي النعيمي في ديوان الملا، فمعِ ضخامة الضجة الإعلامية، وما صاحبها من التضليلِ والتلبيسِ والتحريفِ والتشبيهِ الذي قام به الدكتور النعيمي في قناة كويتية، انتصارًا لمشروع: >البيت الإبراهيمي<، ودفاعًا عن نصب الأصنام والتماثيل المعبودة في المتاحف وبعض الشوارع في الإمارات، باسمِ إظهار الإرث الحضاري، مع كل هذا، لم يقم الشيخُ سالمٌ بالانتصار للشيخ عثمان كما انتصر له في دفاعه عن حقوقِ الولاة، ولم ينطق بكلمة تأييدٍ للشيخ عثمان ولو من بعيد، مع مسيس الحاجة لهذا الانتصار والدفاع في ذلك الوقت، لا سيما أنَّ التشبيه والتحريف قُرَّر وأذيع في قناة كويتية.
أفتكون الغيرةُ على حقوق الولاة، أعظمَ من الغيرة على حق الله، أم أنَّ النشاط والحماس يكون فيما يوافق هوى الولاة لا فيما يخالفُه، هذه تساؤلات لا بد من إيرادِها، والتفكرِ في جوابها!!
ومع ذلك لو قال الشيخ سالم مجيبًا: أنا تكلمت عن الدين الإبراهيمي في مقطع سابق، لقلنا: الدينُ الإبراهيمي شيء، ومشروعُ البيت الإبراهيمي في الإمارات شيء آخر، فإنَّ الدعوة إلى الدين الإبراهيمي قديمةٌ، وكلامُ العلماء فيها كثير، لكنَّ مشروعَ البيت الإبراهيمي الذي يجمع المسجد والكنيسة والمعبد في موضع واحد في الإمارات أمرٌ حادث، يُراد تعميم فكرته في البلاد الإسلامية الأخرى، والجهودُ في تهيئة الأجواء له في عامة البلاد الإسلامية لا تخفى على كل متابع.
ولو قال الشيخ سالم أيضًا: كيف تقولون: إنني لا أغار على حرمات الله، ولا أنتصر لحقه تعالى، وأنا أقرر التوحيد في دروسي، وأقوم بتدريس الرسائل المتعلقة بالتوحيد والعقيدة منذ عشرات السنين.
لقلنا: نحن لا نتكلم عن تدريس التوحيد والعناية به في الدروس المنهجية في المساجد والدواوين، وإنما نطالبك بإعلان الإنكار على المنكرات العامة المتعلقة بحق الله تعالى التي لها ارتباطٌ ببعض الولاة والحكومات، إما في شريط مصوّر، أو مقالٍ مكتوب، على نحو ما تفعله مع المنكرات المتعلقة بحق الولاة والسمع والطاعة، هذا ما نعنيه.
فإن قال: أوليس السمعُ والطاعةُ للولاة من حقوق الله تعالى التي أمر بها وشرعها؟
لقلنا: هذا لا خلاف فيه، لكن هذا لا يعني أنَّ المنكر المتعلق بحقِّ الولاة والجماعة كالمنكر المتعلق بحقِّ الله تعالى الخالص بالتوحيد وإفراد العبادة، فليس الخروجُ على الأئمة كالشرك في العبادة، وليس الإنكارُ العلنيُّ على أعيان الولاة، كالدعوة إلى التقارب مع الكفار والمشركين ومنعِ إظهار البراءة منهم وتجريمِ إظهار بغضهم، فإن المنكرات والمعاصي تتفاوت كما الطاعات.
الأمر التاسع
الشيخ سالم الطويل عنده ازدواجيةٌ في المعايير والمواقف، ولذلك يكثر وقوعه في التناقض، فإنه لا يسير على جادةٍ منضبطة، ولا ينتهج منهجية واضحة مطردة في ردوده ومواقفه، بل هو كثير الاضطراب، ولا يكاد يرجع عن خطأ استُدرك عليه، مع أنّه يطالب خصومه كثيرًا بالاعتراف بالخطأ والتوبة منه والاعتراف به، لكنّه لا يفعله مع نفسه، بل جرت عادته أنه متى ما أُوقف على خطئه العلمي أو النقلي، أخذ يتأول ويبرر بمخارج بعيدة، وربما سكت.
ولهذه الازدواجية وعدمِ الانضباط والإصرارِ على الخطأ وعدمِ الرجوع عنه مظاهر كثيرة وأمثلة متنوعة، منها أنّه لما ذُكر له وجودُ أصنامٍ منصوبة في بعضِ طرق دولة الإمارات، وبوجود معابدَ للوثنيين، أنكر ذلك جدًّا، وقال: (لا يوجد في الإمارات شيء من ذلك، وهذه صورٌ في الهند)، هكذا قال، فلما تبيّن له بعد ذلك وجودُها فعلًا وتحقق منه، سكتَ عن التعليق مدة طويلة، فلما كثرُ الإلحاحُ عليه وطولب بالتعليق عليها على نحو مسارعته في إنكار وجودها ابتداءً، قال بعد مدّة طويلة: (إنما أنكرتُ وجودَ معبدٍ يحتوي على صنمٍ على صورة الشيخ زايد، هذا الذي أنكرته؟!!). وأنا أترك التعليق للسامع والقارئ!!
ومن مظاهر اضطرابِه وازدواجيتِه وعدمِ انضباطه، أنه أكثر من الدفاع عن بعض حكام دول الخليج بأسمائهم في مقاطع كثيرة، فلما أكثر عليه بعض خصومِه مطالبين له القيام بالإنكار على بعض ما يجري في تلك الدول التي أكثر من الدفاع عن حكامها، من المنكرات العظيمة المتعلقة بالتوحيد فضلًا عن عموم المعاصي، كبناء المعابد الوثنية والدعوة إلى التسامح مع الكفار والتهوين من عقيدة البراءة منهم، فضلًا عن المبالغة في المجاهرة بالمعاصي والتسويق لها والدعوة إليها إلى حدِّ يثير الاشمئزاز والتقزز، قال معتذرًا: (أنا لي حدود، ولا أستطيع أن أتجاوز حدودي)، فنقول له: فهلَّا سكتَّ عن الدفاع عن أولئك الحكام بأسمائهم إذ كنت عاجزًا عن الإنكار على ما في دولهم من المنكرات العظيمة المتعلقة بالتوحيد وغيره!! لا سيما أنهم ليسوا حكامًا لك.
ومن مظاهر اضطرابِه وازدواجيتِه وعدمِ انضباطه في هذا الباب أيضًا، أنه على الرغم من إكثارِه من الدفاع عن الحكام عمومًا، وبعض أعيان حكام الخليج خصوصًا، لم ينتصر لأمير الكويت حين قام عبد العزيز الريّس بالوقيعةِ فيه، واتهامِه بأنه لا يمانعُ من تدريسِ التوراة والإنجيل في الكويت، ولا يفرقُ بين تدريس التوراة وتدريس القرآن، اتباعًا للديمقراطية، مع أنَّ المتعيّن أن يكون انتصارُ الشيخِ سالم لأمير بلده بالحقِّ أولى من انتصارِه لأمراء الدول الأخرى بالباطل، فإنَّ كلام الريّس بهتانٌ وكذبٌ، بل قد يستلزمُ تكفيرَ أمير الكويت، فهلا انتصر الشيخ سالم لأميره وذبَّ عنه الباطلَ الذي لم يثبت عنه، كما انتصر وذبَّ عن غيره الباطل الذي ثبت عنهم؟ أم أنَّ الذي أوجب سكوت الشيخ سالم أنَّ ذمَّ أمير الكويت والقدحَ فيه واتهامَه جاء من صاحبه الريّس، أهذه هي السلفية؟!
فلا أدري، أيّ منهجية هذه التي ينتهجها الشيخ سالم؟! وأيُّ نوع من الانضباط يسير عليه؟!
وكان الأولى به أن يدافع عن أميرِ بلده، ويذبَّ عنه التهمة الكاذبة التي ادّعاها الريّس، لأنه حاكمُه ووليُّ أمره، فهل من الدين أو المروءة أن ينشطَ في الدفاع عن وليِّ أمر غيره، ويكسلَ في الدفاع عن وليِّ أمره؟ وهل هذه إلا الازدواجيةُ والانتقائيةُ وعدمُ الانضباط الذي عُرف عن الشيخ سالم الطويل.
وقد تقلّد الشيخُ سالم الطويل مذهبَ عبد العزيز الريّس مؤخرًا في تجويز الكلام على الحاكم المسلم إن لم يكن حاكمًا لبلده، وهذا أيضًا من جملة تناقضاته واضطرابه، فإنه كان يعيب على من يُجيزون ذلك، ويستنكرُ اشتغالَهم بالوقيعة في أعيان حكام الدول الإسلامية الأخرى بأسمائهم، والقدحِ فيهم، وانتقادِهم، فإذا هو بعد مدةٍ يفعلُ فعلَهم، ويقدحُ في بعض أعيانِ حكام الدول الإسلامية بالاسم، ويعيبُه، ويقدحُ فيه!!
ومن أمثلة اضطرابه وتناقضه، أنَّه أكثر من النكير على من أظهر نصح الحاكم أو الحكومة علنًا، حتى لو كان الناقد مخولًا بذلك من الحاكم، كالنائب مثلًا، وقد بُحَّ صوت الشيخ سالم وهو يقول: هذا خلاف منهج السلف، وهو منهج الخوارج والثوريين، وقام وقعد على أنَّ الإنكار على الحاكم أو الحكومة لا يكون إلا سرًّا كالنصيحة، وإذا به يوجه بنفسه نصيحةً علنيةً للحاكم والحكومة في لقاء تلفزيوني على قناة الوطن، فأين ما تدعو إليه من السرّية في النصيحة والإنكار أيضًا يا شيخ سالم؟!
وليت الشيخَ سالمًا وقف عند هذا الحدَّ، وقال: إعلانُ النصيحة مني في اللقاء كان زلةً وفلتة، بل كرر ذلك بعد مدة أيضًا فوجَّه خطابًا علنيًّا لوزير العدل ينتقده فيه على إصداره قرارًا بإيقاف الشيخ سالم عن مباشرة عقود الزواج؟!
فهل هذا هو المنهج الذي تدعو إليه وتحاكم خصومك عليه يا شيخ سالم؟!
ومن جملة تناقضاته أنه أكثر مِن نقدِ الإخوان المسلمين والحزبيين في كونهم لا يردُّ بعضهم على بعض، ولا يُنكر بعضهم على بعض، إعمالًا لقاعدتهم (نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه)، ويمدح الدعاة السلفيين بأنهم لا يسكتون عن أيِّ باطلٍ، ويردُّ بعضهم عل بعض لأنَّ الحقَّ عندهم أقدس من أيِّ شخص، أيًّا كانت منزلته، فإذا هو يُنكر عليَّ انتقادي تحزَّب بعض المنتسبين إلى السلفية، وغلوَّ بعضهم في التبديع، ومبالغة آخرين في مدح الولاة بداعٍ وبغير داعٍ، وغيرِ ذلك من المظاهر الدخيلة على الدعوة السلفية، في محاضرتي التي بعنوان: (تنزيه الدعوة السلفية عن المناهج الجديدة)، مع أنَّ انتقادي كان بالوصف لا بالاسم، ويحثُّني في ردِّه بالاقتداء بالإخوان في أنهم لا يردُّ بعضهم على بعض، حتى لا أشمت بزعمه الأخوان بالسلفيين!! وذلك في ردِّه الذي كان بعنوان: (أخي فيصل بن قزار الجاسم وفقك الله لهداه لا تُشمت بنا الإخوان ولا تصف السلفيين بالمتحزبين). وقد نقلت نقده لي في أول هذه المقالة.
حيّرتنا يا شيخ سالم: إنْ سَكَتْنا عن الردِّ والانتقاد، قلت: هذا منهج الإخوان والأحزاب، وإنْ رددنا وانتقدنا، قلت: لا تردُّون على السلفيين.
أنَّ هذا لأمرٌ يدعو إلى الاستغراب والحيرة، ويبعث على تندِّر السروريين والإخوان من السلفيين!!
الأمر العاشر
الشيخ سالم الطويل إذا حصل بينه وبين مخالفيه سجالٌ وردودٌ، وأخذٌ وردٌّ، فإنه لا يسلك معهم طريقَةَ أهل العلم في ذلك، فإن من طريقة أهل العلم في ردودهم وسجالاتهم مع مخالفيهم، أنهم يستوعبون شبهاتِ الخصمِ كلَّها، ويُبطلونَها جميعًا بالدلائل النقلية والعقلية، فلا يتركون دليلًا احتج به الخصم إلا ذكروه وردُّوا عليه، هذه هي طريقتهم، لأن مقصدَهم بيانُ الحق، وإبطالُ الباطل، ودحضُ شبهاته، ونصيحةُ المردود عليه، أما الشيخ سالم الطويل، فإنه إذا أعجزته الحجةُ، وأعياه الردّ على خصمه لقوة حجة الخصم وضعفِ حجته هو، أو بسبب كثرة سقطات الشيخ سالم في كلامه، فإنه يبحث عن أضعف نقطةٍ أو أمرٍ أو مسألةٍ ذكرها الخصم، أو أيِّ شيءٍ جاء في كلام الخصم يمكن أن يكون مستمسكًا عليه ليبدأ بالتهويل والتشنيع فيه، ويتركَ دلائلَ الخصم الأخرى وحجَجَه ومواضعَ نقدهِ ونقاطَ ردِّه الأخرى، هذه هي طريقته، فتراه يركزُ على نقطةٍ واحدة من نقاط الخصم، ويُهمل الباقي.
ومن آخر الأمثلة على ذلك، ردُّه على الأخ هيثم قويسم، فإنَّ الأخ هيثم عقَّب على كلام الشيخ سالم في انتقاد الدعاة إلى الإسلام في كأس العالم الأخيرة في قطر، وردَّ عليه ردًّا قويًّا، وذكر خمس نقاطٍ في ردِّه مبطلًا بها كلام الشيخ سالم، لكنَّ الشيخ سالمًا في ردِّه على الأخ هيثم، لما أعيته الحجة، لم يلتفت إلى نقاطِه الخمس كلِّها، بل اكتفى بالردِّ والتعليق على جملةٍ واحدة من كلامه، وبدأ بحملها على غير محملها والتشنيع عليه فيها، وأهملَ النقاط الأخرى.
ومن طريقة الشيخ سالم أيضًا عند ضعف حجته على خصمه، أنه يبحث عن أي أمرٍ متعلق بالخصم ليشنّع به عليه، إما في تاريخه، أو نسبه، أو بلده، أو مذهبه، أو جماعته، أو قولٍ قديم له، أو حدثٍ حصل له، أو موقفٍ شخصيٍّ جرى معه، ونحو ذلك، فبدلًا من النقاش العلمي بالأدلة والبراهين وتفنيد حجج خصمه، تراه ينتقل إلى جانب المعايب والسّباب والبهتان والتشنيع والتهويل، فإن كان الرادُّ عليه من جماعة الإخوان المسلمين مثلًا، وقد يكون هذا الإخواني مصيبًا في ردِّه على الشيخ سالم في مسألة ما، فإن الشيخ سالمًا يبدأ بالتشنيع عليه في منهجه، وإخوانيته، وعيبه بذلك، تاركًا مناقشة حججِه ودلائله في المسألة المتنازع عليها.
والأمثلة في هذا كثيرة جدًّا، من آخرها ما فعله في ردّه الأخير على الأخ هيثم قويسم، فقد قال عنه: (وقد بلغني أنك تثني على جماعة التبليغ)، مع أن هذا -لو ثبت عنه- لا تعلق له بالبحث والمناقشة.
هذه هي طريقته للأسف في كثيرٍ من ردوده، وسببُ ذلك والله أعلم، استعجالُه في الردود والتعليقِ بدون تحضير وروية وبحث ودراسة، فيكثرُ في كلامه الزلات والسقطات، وقد قال عمر رضي الله عنه: (من كثر كلامُه كثر سَقطُه).
وهذا ما أتوقع من الشيخ سالم فعلَه معي تعقيبًا على مقالتي وكلمتي هذه، فالظنُّ به أنه -إن ردَّ عليَّ- فلن يناقش جميع ما ذكرتُه من مواضعِ الانتقاد عليه في هذه المقالة والكلمة، لكنه سيبحث عن نقطةٍ أو نقطتين يمكنه من خلالهما التشنيع والتهويل، وسيهملُ مواضعَ الانتقاد الأخرى ومناقشتها، وربما يذكر قصصًا وحكايات، وقد يسرد شيئًا من التاريخ والأحداث والمواقف والأقوال القديمة، ويخرج عن موضع النزاع، وستذكرون ما أقول لكم.
أما أهل العلم فإنَّ الأصل عندهم أن يكون الردُّ والنقاش والبحث منحصرًا في مواضع النزاع، ويُهملُ كلُّ ما لا علاقة له بالنزاع والبحث والمناقشة. فالحقُّ يُقبل ممن قاله كائنًا من كان، والباطلُ يُردُّ ممن قاله كائنًا من كان، هذه هي طريقة القرآن، وهي سبيل أهل العلم، ولذلك قَبِلَ النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود انتقادهم المسلمين في قولهم: (ما شاء الله وشاء محمد)، وقَبِلَ من إبليس إخبارَه أبا هريرة بفضل قراءة آية الكرسي قبل النوم، وقال عليه الصلاة والسلام: (صدقك وهو كذوب).
ومن طرائق الشيخ سالم عند ضعف حجته، شخصنةُ الردّ، فتراه يصرف الردَّ عن كونه حوارًا علميًّا إلى جعله منازعةً شخصيةً، مستثيرًا بذلك نخوةَ محبيه ومناصريه، ومجيّشًا لهم على خصمه. واعتبر ذلك بما فعله معي، فإنني لما غرَّدت في نصرة الشيخ عثمان في مقابل الهجمة التي قامت عليه بسبب كلامِه في البيت الإبراهيمي وانتصارِه لحق الله، وانتقدتُ في تغريداتي سكوت بعض الدعاة عن نصرة التوحيد مع عظم نشاطهم في نصرة حق الولاة، ولم أسمِّ أحدًا منهم، ومع ذلك أخرج الشيخ سالم الطويل مقطعًا يردُّ فيه عليَّ، قال فيه: (أنت تقصدني، قول إنك تقصدني، الناس كلها تعرف أنك تقصدني)، بمثل هذه الكلمات يحوّلُ الشيخ سالم النقاش، ويتركُ موضعَ الانتقاد ومحلَّ النزاع، ويذهبُ إلى الأمور الشخصية، مشخصنًا الردَّ.
ومعلوم أنني سواء قصدتُه أو لم أقصده بتغريداتي، فإنَّ هذا لا علاقة له بالمسألة المتنازع عليها؟ ولا ارتباط له بموضع الانتقاد الذي ذكرتُه في تغريداتي.
فالواجب أن يكون البحث في ذات الانتقاد، فيُنظر: أهو حقٌّ أم باطل، أما البحث في عين من يقصده الناقد في نقده وتحديدِ شخصه، فهذا لا أثر له ولا تعلق له بموضع النقد، لأن المقصودَ بحثُ المسألة ذاتِها، ومعرفةُ الصواب من الخطأ، بغضِّ النظر عن فاعلها.
الخلاصة أنَّ الشيخ سالمًا الطويل -عفا الله عنا وعنه- لم ينتهج منهج السلف في باب الردود، ولم يلتزم طريقهم، ولم يتّبع أصولهم وقواعدهم فيه، بل تجاوز الحدود، ووقع منه بغيٌ وعدوان، واضطربت عنده المعايير، وعَدِم الانضباطَ والمنهجية، حتى أزرى على مذهب السلف بنسبة طريقتِه إليهم، وتمسحه بمنهجهم، وهم منه براء، وربَّى الشباب والأغمار والمبتدئين على هذه الطريقة العوجاء، وخلق فتنًا، وفرَّق مُجتَمِعًا، وحزَّب وكتَّل، وشحن القلوب، وأشغل الأذهان، وأساء لنفسه وللسلفية.
وأنا في الحقيقة قد أعرضت عن الكلام عن كثير من الأمور المتعلقة بشخصية الشيخ سالم وأخلاقه، وبعض المسائل العلمية، طلبًا للاختصار، وتجنبًا لما قد يثيرُ التعصبَ والإصرارَ على الخطأ، ويمنعُ من الرجوع والأوبة والاعتذار، لكن قد يكون له داعٍ في المستقبل، إذا لم يرجع الشيخ سالم عن منهجيته، ويكفَّ عاديتَه، ويضبطَ نفسه، وينتهجَ نهجَ أهل العلم، ويتخلقَ بخلق الرحمة والرفق والإحسان.
وإني أدعو الشيخ سالم الطويل إلى مراجعةِ نفسه، وتأملِ هذه النصيحة، وتقبلِها بصدر رحب، والنظرِ فيها نظرَ من يطلب الحقَّ وينشدُه، وأن يَعْرِضَ منهجيته على منهجية العلماء الربانيين في ردودهم، من أمثال الشيخ عبد العزيز بن باز، والعباد، والفوزان، وغيرهم، ويتأمل في أخلاقهم وطريقة تعاملهم مع موافقيهم ومخالفيهم، ويقارن بين منهجيته ومنهجيتهم.
هذا ما أحببت بيانَه على وجه الإيجاز والاختصار، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.